روائع مختارة | قطوف إيمانية | أخلاق وآداب | التربية في ظل المتغيرات الجديدة ـ1 ۱

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > أخلاق وآداب > التربية في ظل المتغيرات الجديدة ـ1 ۱


  التربية في ظل المتغيرات الجديدة ـ1 ۱
     عدد مرات المشاهدة: 3861        عدد مرات الإرسال: 0

***  أبرز المتغيرات الجديدة:

إن المتغيرات التي تعيشها الأمة اليوم بل يعيشها العالم بأسره، أصبحت هاجس الجميع بكل تخصصاتهم وإهتماماتهم، المسلمون الغيورون الصادقون، وغيرهم ممن لا يدين بالإسلام، ودعاة التغريب والعلمنة، المتخصصون في علوم الشريعة، والمتخصصون في الإقتصاد والسياسة، وفي الدراسات الإجتماعية، الجميع تعنيهم هذه المتغيرات، فهي لا تنال طائفة معينة، ولا تستهدف فئة بعينها، إنما تستهدف الجميع.

وجدير بأمة الإسلام التي أخرجها الله عز وجل لتكون شهيدة على الناس في الدنيا والآخرة، هذه الأمة الذي إختصها الله تبارك وتعالى بهذا الدين وهذه الرسالة، وإختار لها خير أنبيائه ورسله، وخصها بخير شرائعه، هذه الأمة جديرة بأن تعي موقعها في ظل هذه التحديات الجديدة المعاصرة، وجدير بها أن تراجع نفسها كثيراً وكثيراً.

وجدير بنا ونحن نتحدث في إطار التربية وهي من أكثر ما يمكن أن يتأثر في ظل هذه المتغيرات أن نبحث عن موقعنا في ظل هذه المتغيرات، وجدير بنا أن نعيد النظر والنقاش في كثير من أهدافنا وبرامجنا ووسائلنا التربوية.

الحديث في هذا اللقاء يهم التربويون بكل فئاتهم: يهم الأسرة وهي النواة الأولى في التربية، يهم المدرسة سواء فيما يتعلق ببيئة ونظام التعليم أو ما يتعلق بالمعلمين وما ينبغي عليهم، يهم القائمين على التربية في ظل المؤسسات الدعوية والجمعيات الدعوية.

وخصوصية الحديث في بعض الجوانب أو المجالات من هذا الحديث، أو ذكر بعض الأمثلة ينبغي أن لا يأخذ أكثر من مداه لدينا، فالتمثيل أحياناً قد يؤطر فهم المستمع في ظل هذا المثال، لكن المتحدث لا يستطيع أن يمثل على كل صورة بمثال يغطي هذه الجوانب.

وقبل أن نتحدث عن التربية في ظل هذه التحديات ينبغي أن نشير إشارة سريعة مختصرة لهذه التحديات التي تواجه بيئتنا في ظل هذه الظروف المعاصرة.

تعلمون جميعاً أن هذه المنطقة منطقة دول الخليج عموماً تعرضت لتطورات ونقلة وخاصة بعد إكتشاف النفط الذي نقل هذه الدول إلى مرحلة جديدة من حياتها، ولا شك أن هذه التغيرات التي أصابت المنطقة تركت أثرها على التربية بكافة مؤسساتها وأدواتها ووسائلها، وهذا التغير كان في نطاق الحياة الإقتصادية والحياة الإجتماعية والحياة الفكرية والحياة التربوية، وكل من يتحدث عن منطقة الخليج لابد أن يعتبر قضية إكتشاف النفط وما صاحبه من تغيرات نقلة في هذه المنطقة.

إلا أن التغيرات التي نقبل عليها في هذه الأيام تغيرات تأخذ مدى أكبر من تلك التي مرت بها المنطقة في مرحلة إكتشاف النفط، سواء في المدى الأفقي أو المدى الرأسي ويمكن أن نلخص هذه التغيرات فيما يلي:

=1= تحديات العولمة وآثارها:

ولسنا نحن في حديث متخصص حول العولمة لكننا سوف نتناول بعض الجوانب التي يمكن أن يكون لها صلة بالتربية، ومنها:

أ- إنفتاح الثقافة:

ستنفتح بلادنا على كافة ثقافات دول العالم، والثقافة المسيطرة والرائدة اليوم هي الثقافات الغربية بكل ما فيها من مساوئ وسلبيات، سواء في ميدان الإعتقاد والدين، أو فيما يتعلق بالشهوات والإباحية.

ب- زوال الخصوصية:

هذه المجتمعات لها خصوصية فهي مجتمعات محافظة، والسلوك الإسلامي فيها ظاهر، ولكن هذه الخصوصيات سوف تتلاشى وتقل تدريجياً من خلال هذا الإنفتاح الذي ستشهده البلاد كلها بل سيشهده العالم كله مع بداية عصر العولمة.

إن الشاب المراهق أو الفتاة المراهقة وهو يعيش في أسرة محافظة متدينة في غرفته ليس بينه وبين أن يتصل بأي ثقافة أو أي شخص في العالم إلا مجرد ضغطة زر وينفتح على العالم الآخر كله.

ج- التحديات الإقتصادية:

الجانب الإقتصادي في العولمة جانب كبير، بل بعض الناس يعتبر قضية العولمة هي القضية الإقتصادية، وستنتج آثار إقتصادية من خلال عصر العولمة تتمثل في تضاءل فرص العمل، لأنها تعني الإنفتاح وزوال الحواجز أمام الشركات والمؤسسات العالمية الكبرى، ولا شك أن خبرات أبناء المنطقة، بل أبناء دول العالم الإسلامي لا تقاس ولا تقارن مع خبرات تلك المجتمعات، فسيكونون في وضع تنافسي أقل مع الآخرين، ولن تكون هناك قيود على ما يتعلق بالتشغيل والعمل والتوظيف، ولا قيود على حركة التجارة والشركات.

والإنفتاح الإقتصادي سيولد إتساع إحتكاك المجتمع بالجنسيات الأخرى بشكل أكبر وأوسع.

وسينشأ عنه أيضاً إتساع مشاركة المرأة في الحياة العامة، إننا مجتمعات يمكن أن تمارس فيها المرأة العمل لكن في ظل الضوابط الشرعية، أما حين تنفتح بلاد المسلمين على الشركات الكبرى فستزول كثير من هذه القيود، وسينشأ من ذلك زيادة إتصال أبناء هذه المجتمعات بأبناء المجتمعات الأخرى من خلال طبيعة النشاط الإقتصادي المنفتح.

والتحديات الإقتصادية ستعيد تحديد نوعية الطلب على التعليم، فالتعليم التي ستروج سوقه هو التعليم التي تطلبه تلك الشركات الكبرى التي ستوفر فرص العمل، وهذا يعني أن هذا الإنفتاح الإقتصادي وهذا التغير الإقتصادي سيتحكم في نوعية الطلب على التعليم، وهذا سيؤدي إلى تقلص الدور التربوي للمدرسة بحيث يسيطر جانب الإعداد التقني، وإعداد الفرد ليتخصص وليعمل في هذه الميادين الإقتصادية بعيداً عن الإعداد الفكري الإجتماعي، الإعداد البنائي التربوي، وبعيداً عن حرص وسعي المدرسة إلى تأصيل ونقل ثقافة المجتمع وثقافة البلد إلى الناشئة.

وهذا أيضاً سيؤدي إلى تقلص الإقبال على العلم الشرعي فبلاد الخليج عموماً فيها قدر من الإعتناء بالعلم شرعي سواء في مستوى التعليم العام، أو في مستوى الكليات الشرعية أو غيرها، وهذا الإعتناء له أثر في إحياء العلم الشرعي ونشره، لكن الإنفتاح الاقتصادي المقبل سيقلل من فرص التعليم الشرعي، لأن الطلب على خريجي هذه التخصصات وهذه الدراسات سيقل بكثير، وهذا لا شك سيؤدي إلى قلة الإقبال على التعليم الشرعي، وسيطرح أيضاً تحدياً من نوع آخر.

د- نوعية الثقافة السائدة:

تؤدي متغيرات العولمة إلى إتساع الثقافة على المستوى الأفقي، وسطحية الثقافة على المستوى الرأسي، فالعصر المقبل عصر وسائل الإعلام والإنترنت، وستكون هذه هي مصادر الثقافة عند شريحة كبيرة من المجتمع، وهذه تغلب عليها العمومية والإتساع في المستوى الأفقي والسطحية في المستوى الرأسي، فهي ثقافة تغلب عليها العمومية، ثقافة تسيطر عليها التسلية والإثارة أكثر من الجانب الموضوعي العلمي، ثقافة تؤثر عليها الجوانب المادية والإقتصادية حيث تسخر وسائل ومصادر المعلومات لخدمة الشركات الكبرى وتسويق منتجاتها وأفكارها الإستهلاكية، ثقافة النمط السائد فيها هي الثقافة الغربية التي تخدم مصالح أصحاب رؤوس الأموال الغربية.

وهذا أيضاً سيقلص المساحة المتاحة للقراءة والاطلاع، فهو سيولد لنا جيلاً عنده نوع من الاتساع في الثقافة لكنه جيل سطحي على المستوى الرأسي، جيل لا يقرأ، جيل يبهره التفكير المادي ويسيطر عليه.

هـ- تضاؤل دور الأسرة:

كان للأسرة دور كبير في مرحلة ما قبل إكتشاف النفط، حيث كانت الأسرة وحدة واحدة، كان الأفراد جميعاً يعملون في إطار ومحيط الأسرة، كان الأب يرث مهنته من والده، ويعمل معه في الحقل والمتجر، كانت الأسرة تلتقي جميعاً يعيش الشاب وتعيش الفتاة وقتاً طويلاً مع أسرتها، فتقلص دور الأسرة مع عصر النفط، ومع تغير فرص وميادين العمل وإتساع التعليم، ونحن مقبلون على تقلص أكبر، وهذا ميدان خطير يتطلب منا إعادة النظر في إيجاد مساحة أكثر للأسرة، ونحن اليوم أصبحنا في صراع مع الآخرين على أبنائنا، وصراع مع الآخرين على بناتنا.

=2= فرص العمل:

تعد فرص العمل في دول الخليج مشكلة كبرى، وتبدأ هذه المشكلة من القبول في التعليم الجامعي، ففي السابق كان الطالب حين ينتقل من المرحلة الثانوية يجد فرص القبول مهيأة له، والآن ومع زيادة النمو السكاني بدأت تتضاءل فرص القبول في التعليم الجامعي، فنسبة كبيرة من الطلاب والطالبات الذين يتخرجون من المرحلة الثانوية لا يجدون لهم فرص قبول في التعليم الجامعي.

ثم تنشأ مشكلات العمل بعد التخرج من الجامعة وهذا لا شك سيولد إفرازات إجتماعية وتربوية ينبغي أن توضع في الإعتبار.

=3= الصراع العربي الإسرائيلي:

من العوامل المؤثرة الصراع العربي الإسرائيلي ونحن قريبون من منطقة الصراع، وبغض النظر عما يؤول إليه هذا الصراع مع الأحداث القريبة الساخنة، فإما أن تسخن الأوضاع وتنقلب، أو أن تستمر عملية التطبيع وكلا الأمرين سيكون له أثر في المستقبل على المنطقة وعلى ثقافة المنطقة.

هذه بإختصار إشارة سريعة إلى هذه التحديات التي تفرض علينا أن نعيد النظر في تربيتنا، وبعد ذلك إنطلق إلى صلب الموضوع وهو عبارة عن بعض التوصيات وبعض الأفكار التي ينبغي أن نأخذها بعين الإعتبار في تربيتنا من خلال المتغيرات التي أشرت عليها في بداية هذا الحديث لنتواكب مع هذه الظروف الجديدة التي تمر بنا.

[] ..... التغيير التربوي المرتقب:

۱= التفاؤل:

من أول مايجب علينا: الحذر من اليأس وسيطرة الشعور بعدم إمكانية التغيير، أو إستحالة التربية في ظل هذه المتغيرات، وحديث كثير من الإسلاميين الغيورين على واقع الأمة عن تداعيات العولمة حديث يقود كثيراً من الناس إلى اليأس والقنوط.

إن إدراك سوء الواقع ومرراته، والحرص على إثارة تفاعل الناس مع الواقع، قد يقودنا إلى مبالغة في الحديث لا ندرك آثارها، ومما يزيد الطين بلة أن كثيرا من المتحدثين يقف عند ذكر المخاطر والآثار، دون أن يتحدث عن برامج عملية لمواجهة المتغيرات وهذا مايحتاجه الناس والبرامج التي تقدم معظمها غير واقعية تزيد الناس يأساً من التغيير.

والذي يبنغي مراعاته عند الحديث عن هذه المتغيرات: الإعتدال وعدم المبالغة، والإعتناء بتقديم الحلول والبرامج العملية للناس، وتلمس الجوانب والمداخل التي يمكن الإفادة منها وتوظيفها مهما كانت محدودة.

٢= الإعتناء بالتربية الإيمانية:

فينبغي أن نعتني بها أكثر من ذي قبل، وهي للأسف يتقلص دورها كثيراً، أولاً في دائرة الأسرة فالأسر المحافظة تحافظ على أولادها وبناتها، وتراقب حالات الإنحراف والتغير، وربما تحول بين أولادها وبناتها وصحبة أهل السوء، لكنها تقف عند هذا الدور، فهي تمارس مهمة الحماية فحسب، وقلما نجد من الأسر المحافظة فضلا عن الأسر المتفلتة من تعتني ببناء أولادها.

وفي دائرة المدرسة نتساءل: إلى أي حد مدارسنا اليوم تربي أبناءنا وبناتنا على حقائق الإيمان والتقوى والصلاح؟ ماذا يسمع أبناؤنا وبناتنا اليوم في مدارسهم؟ هل يجدون فيها ما يرقق القلوب وما يصلهم بالله عز وجل؟ أم أنهم يعيشون في عالم أحسن أحواله أنه عالم مادي بحت يعيش مع المعرفة المجردة فقط بعيداً عن هذه المعاني المهمة؟

إن الإيمان يقي صاحبه ويحميه من الوقوع في الرذائل، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن» رواه البخاري 2475 ومسلم 57.

وعن أبي شريح رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن» قيل: ومن يا رسول الله، قال: «الذي لا يأمن جاره بوايقه» رواه البخاري 6016.

والإيمان له أثر آخر على صاحبه، فهو يسمو بالنفس ويعلي أهدافها، ويجعل صاحبها يتعلق بالدار الآخرة أكثر من تعلقه بالدنيا.

وثمة عوامل تدعونا إلى بذل مزيد من الإهتمام بالتربية الإيمانية، ومنها: أن المتغيرات الجديدة تتسم بإنفتاح هائل للشهوات وأبواب الفساد المحرمة، من خلال القنوات الفضائية وشبكة الإنترت، والإنفتاح المتزايد على العالم الآخر، والعامل الثاني: أن المتغيرات الجديدة تزيد فيها الماديات ويعلو شأن تعلق الناس بها، حتى الصالحون منهم يصيبهم مايصيبهم في ذلك، إن وسائل الإتصال المعاصرة ومصادر الثقافة الجديدة تنقل الناس إلى عالم مادي بحت لاصلة له بما وراء المادة المحسوسة، ولا صلة له بالدار الآخرة وما يدعو إليها، بل إن الفتنة بالمنهج العلمي تقود إلى التشكيك في كل مالا تدركه حواس الناس القريبة.

كل هذا يدعو إلى الإعتناء بتدعيم التربية الإيمانية وتقويتها في كافة المؤسسات التربوية.

والتربية الإيمانية لابد أن يراعى فيها المعنى الشرعي للإيمان وشموله لكافة جوانب الحياة، وعدم التركيز على مجرد أداء الشعائر بل الإعتناء بالأصل وهو أعمال القلوب.

۳= تقوية الحماية الداخلية:

تقلل المتغيرات الجديدة من فرص الضبط الخارجي والسيطرة، ومن ثم لابد من تقوية الحماية الداخلية، التي تجعل المرء يراقب الله تعالى، ويستطيع السيطرة على نفسه وضبطها، ومن الوسائل التي تعين على تقوية الحماية الداخلية:

أ- الاعتناء بالإقناع:

فالتوجيهات التربوية التي يتلقاها المتربون في مجتمعاتنا تعتمد على التوجيه المباشر، وتعتمد على تلقين النتائج والأحكام، وهذا لو نجح مع جيل لايتعامل إلا مع من يربيه، فإنه لن ينجح مع جيل لايعد المربي فيه على أحسن أحواله إلا واحدا من العوامل المؤثرة على المربي، وهذا يتطلب مراجعة شاملة لمحتوى المواد التربوية، ولأساليب تقديمها، وإلى إعتبار القدرة على الإقناع من أهم معايير إختيار المربين.

ب- تنمية قدرات الإنتخاب والإختيار وإتخاذ القرار:

فالمتربي كان فيما سبق في كثير من مواقفه أمام موقف واحد أو رأي واحد، وهذا يجعله لايعاني من صعوبة اتخاذ القرار، أما الآن فهو أمام متغيرات عديدة، وأمام آراء وبدائل متكافئة في درجة إقناعها له.

وهذا يتطلب أن تضمن الخبرات التربوية مايعين المتربي على الإختيار بين البدائل وإتخاذ القرار، ومراعاة ذلك من خلال مايقدم للمتربين، سواء في إختيار موضوعات ضمن البرامج العلمية والثقافية تحتاج إلى الإختيار وإتخاذ القرار، أو في طريقة تقديم المادة العلمية بحيث يعطى المتربي الفرص في التدرب على الإختيار وإتخاذ القرار تحت إشراف المربين مما يزيد من قدرته على الإستقلال بنفسه في ذلك، أو في وضعه في مواقف عملية تتطلب الإختيار بين البدائل وإتخاذ القرار.

ج- تنمية الإرادة وتقويتها:

تعتمد العوامل والمتغيرات الجديدة على إثارة الشهوات والغرائز، التي كثيرا مايؤتى منها المرء من جهة ضعف إرادته، وقلة قدرته على ضبط نفسه، والذي يعينه على ذلك بالإضافة إلى صحة العلم والإدراك قدرته على مواجهة دواعي النفس وغرائزها، ومن ثم كان لابد من الإعتناء بتقوية الإرادة، بالإضافة إلى تقوية التربية الإيمانية.

٤= إعادة النظر في أهداف التربية:

ويتأكد هذا في التربية التي تتم من خلال المؤسسات الدعوية، فهي تهدف إلى تحقيق الإستقامة لدى المرء، وكثيراً ماتتجاهل الجوانب التي يحتاج إليها في حياته الدنيا، بل ربما وقفت عائقا دونها لأجل أن يتاح وقت أطول للمتربي يتلقى من خلاله التربية في هذه المؤسسات الدعوية.

ويتطلب ذلك الإعتناء بالإعداد لمتطلبات الحياة المادية، من خلال التعويد على تحمل المسؤولية، وتصحيح المفاهيم المغلوطة في ذلك، وبيان أنه من تقوى الله وطاعته أن يسعى المرء في سبيل تحصيل مايحتاجه من مطالب الدنيا.

عن الزبير بن العوام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة الحطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه» رواه البخاري 1471.

وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لأن يأخذ أحدكم حبله ثم يغدو أحسبه قال إلى الجبل فيحتطب فيبيع فيأكل ويتصدق خيرله من أن يسأل الناس» رواه البخاري 1480 ومسلم 1042.

ولئن كان الإحتطاب ونحوه هو مصدر الرزق المتاح في ذلك العصر، فمصادر الرزق في هذا العصر لها طبييعة أخرى تتطلب إعداداً، وتعلماً لمهارات وعلوم تعين على الحصول على مصدر للرزق.

ويتطلب ذلك بالإضافة إلى تصحيح هذه المفاهيم، إتاحة المجال، وتقديم الرأي والمساعدة للحصول على مصادر الرزق، والسعي إلى إيجاد برامج تدريب وإعداد وفرص عمل تحتضن الشباب وتؤمن لهم أسباب تحصيل الرزق.

٥= الإرتقاء بالمربين:

ويشمل ذلك: الإرتقاء بتفكيرهم، ليستوعبوا المعطيات الجديدة ويتأهلوا للتعامل معها، وليكونوا قادرين على تجاوز الأساليب القديمة التي نشأوا عليها وألفوها، وحتى يرتقوا لفهم الجيل الجديد الذين يتعاملون معه ويربونه.

ويستوجب ذلك تقديم برامج تدريبية للمربين والآباء والأمهات، وإذا كانت التربية عملية تلقائية فيما مضى يمارسها أي شخص فالتحديات المعاصرة اليوم تفرض غير ذلك، ويحتاج الأمر إلى أن تقوم مؤسسات تربوية تقدم الدورات والبرامج التدريبية، وتعد مواد التعلم الذاتية للمربين.

وللمقال بقية - التربية في ظل المتغيرات الجديدة ـ ٢

الكاتب: أ. محمد بن عبد اللّه الدويش.

المصدر: موقع مفكرة الإسلام.